اجتمع قادة من أنحاء الشرق الأوسط في قمة طارئة بالدوحة يوم 15 سبتمبر، كما يوضح أحمد عبوده، لإدانة الضربة الجوية الإسرائيلية ضد مفاوضين من حركة حماس في قطر في 9 سبتمبر. وأكد البيان الختامي للقمة ضرورة أن تراجع الدول علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، وأن تبادر إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضدها.

في القمة، صعّد رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي خطابه تجاه إسرائيل واصفاً إياها بـ"العدو"، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها مثل هذا الوصف منذ استيلائه على الحكم عام 2014. وعكس كلامه إدراكاً متزايداً للتهديد، أعاد تشكيله الهجوم الإسرائيلي على الدوحة وما تبعه من تحذير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل قد تلاحق حماس "أينما وُجدوا"، بما في ذلك قطر ودول أخرى.

أوضح السيسي أن سياسات الحكومة الإسرائيلية تقوّض فرص أي اتفاقات سلام جديدة وتهدد الاتفاقات القائمة، كما حذّر من خطط التهجير القسري للفلسطينيين، رافضاً "اقتلاعهم من أرضهم". ويرى مراقبون في تشاتام هاوس أن القاهرة تأخذ على محمل الجد احتمال استهداف قادة حماس في أراضيها رغم معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل. وتخشى أيضاً من أن يقود التوسع العسكري في غزة إلى دفع الفلسطينيين جنوباً نحو سيناء.

تحاول مصر استخدام أدواتها الدبلوماسية والعسكرية ودورها الوسيط لردع هذه التهديدات، وربما تراهن على تحولات مواقف بعض دول الخليج تجاه إسرائيل لإحياء مقترحها حول تحالف عربي شبيه بالناتو تحت قيادتها. لكن هذه المساعي تواجه عقبات، بينها اختلاف أولويات الجيران العرب واحتمال تدخل المصالح الأمريكية.

من اجتماع النقب عام 2022 الذي أبرز إيران كتهديد رئيسي واعتبر إسرائيل شريكاً محتملاً، انتقل المشهد إلى واقع مغاير بعد ضربة قطر. ويشير الدكتور حسام زملط إلى أن الضربة تدفع دولاً عربية لاستنتاج أن إسرائيل صارت الخطر الأول، لسببين: أولاً لأن حكومة نتنياهو تبدو معنية أكثر بضم الأراضي ومنع قيام دولة فلسطينية، على حساب مسار التطبيع مع السعودية. وثانياً لأن الهجوم يثير شكوكا حول التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج، خاصة بعدما تجاهلت دفاعات قاعدة العديد الجوية الأمريكية صد الضربة، رغم دورها في اعتراض صواريخ إيرانية عامي 2024 و2025.

يرى محللون أن نتنياهو سعى لتحقيق نصر سياسي داخلي بقتل قيادات بارزة في حماس، لكنه في الأساس أراد تعطيل المفاوضات وشراء وقت للهجوم الجديد على غزة، مع دفع الفلسطينيين جنوباً نحو الحدود المصرية. وتخشى القاهرة أن يشكّل ذلك جزءاً من خطة أوسع لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما سبق أن حذّر منه السيسي عام 2023 حين اعتبر أن الحرب تستهدف "دفع السكان المدنيين للهجرة إلى مصر".

يزداد قلق مصر من أن يؤدي نزوح واسع للفلسطينيين إلى تهديد أمنها واستقرارها وإنهاء أي أفق لدولة فلسطينية. كما قد تتحول سيناء إلى ساحة مواجهة بين مقاتلين فلسطينيين وإسرائيل، ما يستجلب ردوداً إسرائيلية داخل الأراضي المصرية. أشارت تقارير إعلامية عربية إلى أن القاهرة علّقت بعض بنود التنسيق الأمني المنصوص عليها في معاهدة السلام مع تل أبيب، بالتوازي مع تعزيز حراستها على قادة فلسطينيين يقيمون فيها.

هذا التوتر ترافق مع تهميش دور مصر الوسيط وإصرار إسرائيل على المضي في عملياتها، إضافة إلى تهديد نتنياهو بتجميد صفقة غاز بقيمة 35 مليار دولار تمثل نحو 20 في المئة من استهلاك مصر. كما تجاهل تحذيراتها من كارثة إنسانية وفقدان الغذاء في غزة، بينما تنفي إسرائيل وجود مجاعة.

مع ذلك، لم تبلور القاهرة بعد استراتيجية ردع فعالة، واقتصر ردها على نشر قوات في سيناء وتقليص التعاون الثنائي والانخراط في جهود دبلوماسية لإنهاء الحرب، مع التشديد على رؤيتها لليوم التالي للصراع.

أعادت ضربة قطر صياغة مسار المفاوضات حول غزة، إذ باتت مصر الوسيط الرئيسي بعد تراجع دور الدوحة. وتأمل القاهرة في استخدام موقعها لمطالبة واشنطن بالضغط على إسرائيل لإنهاء القتال والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. غير أن مواقف إدارة ترامب وتصريحات شخصيات أمريكية بارزة مثل ماركو روبيو خلال زيارته لإسرائيل توحي بأن الدعم الأمريكي لنتنياهو مستمر، وهو ما يقلل فرص مصر في تحقيق تقدم سريع.

وهكذا تحد مصر نفسها أمام معادلة شديدة الخطورة: حماية حدود مصر واستقرارها من جهة، ومواصلة دورها كوسيط إقليمي من جهة أخرى، بينما تتصاعد المخاوف من أن أي تصعيد إضافي قد يجر القاهرة نفسها إلى قلب الصراع الذي تحاول تجنبه.

https://www.chathamhouse.org/2025/09/egypt-now-sees-israel-imminent-threat